رأيك يهمنا.....

كل كلمة تبديها وكل مشاركة وكل زيار ة هي بمثابة دفعة إلى الأمام لتحسين المحتوى وهكذا نلتقي!
الكثيرون يمرون من هنا... لكن قليلون من يتركون الأثر.. فتذكر أن تكون من القليل المميز وضع بصمتك للذكرى! من هنا

تيتانيك سفينة العالم ..


سفينة التيتانيك ما أشهرها خاصة بعد الفيلم الذي أخرجه جيمس كاميرون .. في اعتقادي أنه عندما كتب هذا الفيلم لم يكن يقصد السفينة في ذاتها .. مشاهد الفيلم كلها مؤثرة كلها.. ولعب على رغبات المشاهدين في أغلب المشاهد .. واستخدم كل الإمكانيات المتاحة .. وخرج الفيلم بهذا الشكل المبهر .. خاصة مشهد الغرق.. لكن ما قصده هو ليس ما فهمناه .. وما أكتب عنه الآن هو ليس غرق السفينة.. أو الفيلم وصناعته.. أتكلم الآن على ما وراء الأحداث ورمزية الفيلم.. الجزء الثاني من الفيلم ظهر القصد من وراء هذه السفينة التي حملت أناسا من جميع جنسيات العالم منهم العرب .. وأحدهم يظهر في مشهد من الفيلم يقف أمام لوحة من اللوحات الإرشادية التي تدل على الطريق .. طريق النجاة ويمسك بقاموس ويبحث فيه عن معنى الكلمة المكتوبة في مشهد ساخر يوضح ما آل إليه حالنا كعرب لم نعد نواكب هذا العالم .. هو يتكلم بلغة غير لغتنا يكتب بلغة غير لغتنا يتحدث في التقدم والعلم ونحن مازلنا نبحث عن معنى الكلمة في اللوحة الإرشادية حتى نستطيع الخروج .. وفي إشارة أخرى هذا العربي على ظهر السفينة عربي مسلم .. معه زوجته المحجبة التي قالت له بالنص (ياللا ياللا) قالها (استني خليني أشوفها) وهو يقف في مفترق طرق لا يعرف إلى أين يذهب .. في مشهد دراماتيكي يبحث بكل سرعة عن معنى الكلمة في القاموس يفره بأصابعه بأقصى سرعة مع إيقاع غرق السفينة .. يذكرني بمشهد محمد صبحي في مسرحية ماما أمريكا عندما قال الظابط له: أنت terrorist رد محمد صبحي لأ tourist فأكد الكلمة مرة أخرى .. فأخذ يبحث في القاموس عنها في موقف مشابه لما حدث في سفينة التيتانيك
ليس هذا هو المشهد الرمزي الوحيد هناك أيضا مشهد آخر لأحد المهاجرين الذي أخذ يبحث عن ابنه حتى وجد لينوناردو دي كابريو يحمله وقد أنقذه فأخذه من على كتفه.. وذهب به والبطل ينادي عليه ..لأنه ذهب في الطريق الخطأ .. لكنه غرق.. في إشارة إلى انعزال المهاجرين عن المجتمعات التي يسكنونها وانفصالهم عنها خاصة في طريقة تربية أبنائهم مما سيؤدي إلى غرقهم .. وهذا الرجل على ما أتذكر روسي الجنسية مما يدفع الرمزية إلى الاتحاد السوفيتي وحادثة سقوطه .. حيث جرى البطل وراءه.. وقال له هذا الطريق خاطئ ارجع هنا لكنه لم يسمع.. وفي النهاية غرق ..

أما المشهد الثالث والذي لعب عليه طوال الفيلم هو الرأسمالية وظلمها .. وعدم المساواة واستغلالها لظروف الناس البسطاء لتحقيق الشهرة والمصالح الخاصة .. في مشهد استغلال خطيب البطلة للطفلة في أن يركب قوارب النجاة.. كما يحدث الآن في الحفلات الخيرية مع احترامي لنيات الجميع التي دائما ماتكون إيجابية .. فكما تعلمت في البرمجة اللغوية العصبية أن كل سلوك وراءه نية إيجابية ..

والمشهد الآخر للرأسمالية الطاحنة المدمرة هو صعود خطيب البطلة على أجساد الناس حتى يصل إلى ما يريده وهو النجاة.. هكذا هي الرأسمالية الطاغية (إن جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك) .. هكذا صعد الممثل على أجساد الناس حتى يصل إلى قوارب النجاة ..

المشهد الرمزي الآخر هو رجل الدين الذي أخذ يدعو الناس إلى الدين في وسط الغرق .. وينبههم إلى العذاب وإلى يوم القيامة وإلى الرب في قوله
(مريم العذراء والدة المسيح صلي من أجلنا المذنبين الآن وفي ساعة موتنا ...آمين)

المشهد الرمزي الآخر هو مشهد غرق الكابتن هو مشهد سياسي على الأرجح موجه للقادة المنعزلين عن شعوبهم ظنا منهم أن أسوارهم تحميهم من الغرق في حالة غرق الشعب .. أن حراستهم تحميهم من الموت في حالة أنه كتب عليهم هذا كتاب الله العزيز يقول (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا)

المشهد الرمزي الآخر تواطؤ الحكومات مع رجال المال ومعاونتهم لهم على نجاتهم وغرق الغلابة .. في مشهد قوارب النجاة الذين ركبوا هم رجال المال.. من حجز في درجة عالية .. رغم أن القوارب كانت ستنقذ الجميع لكنهم لم يرغبوا في خلط الطبقات مع بعضها .. كما حدث تماما في إنهيار سوق المال العالمي.. من تسبب في الأزمة العالمية هم الكبار ومن أخذ التعويضات والدعم المادي كان الكبار أيضا.. فجميع البنوك الأمريكية الكبرى أخذت تعويضات من الحكومات .. وكبار صانعي السيارات .. وذلك لإنقاذ الصناعة .. رغم أن الأموال في الأصل ذهبت إلى جيوب هؤلاء .. فدائما في البورصات يكون صغار المستثمرين هم وقود البورصة .. هو الحطب الذي يحترق حتى ينتصر الكبار ..

وكأن هذا الفيلم كان رؤية مستقبلية للكساد العالمي الذي حدث بعده إلى الآن تقريبا مرتين آخرهم الأزمة المالية العالمية التي عشناها جميعا..
الرمزية الكبرى في الفيلم هو غرق السفينة نفسها .. أي غرق العالم نفسه بكل الزخارف التي فيه .. قد تكون الرمزية الكبرى التي يقصدها هي قيام يوم القيامة .. ولا أجزم .. لكني أجزم أن غرق العالم هي إحدى الرسائل التي سعى إلى توصيلها ولتي تحققت بالفعل .. وستتحقق مرات ومرات حتى نعدل من نظام العالم

الرمزية الأخرى في الموسيقيين أولئك أصحاب المشاعر المرهفة الذين ظلوا مه بعضهم إلى ماقبل اللحظات الأخيرة يجمعهم شئ مشترك .. لكن لا شئ يدوم إلى مالا نهاية ..

الرمزية الكبرى تكمن في الحب .. نعم قصة الحب .. والدعم الذي أعطاه البطل للبطلة حتى تستطيع أن تكمل الحياة..
تكمن الرمزية في احتياج المرأة للرجل دائما في كل أمورها .. هو درعها دائما هو الذي يمدها بما تريد فالمرأة لا تملك القوة .. وليست من طبيعتها القوة .. ولا يستحسن أن تملكها حتى تتوازن الحياة ..

قد نختلف وقد نتفق الحب ليس كل شئ .. لا يكفي أن تحب لابد أن تفعل شيئا .. لا يكفي فقط أن تحب .. أثبت هذا الحب
ومع اختلافي مع جيمس كاميرون الحب هنا كان الإطار الذي غلف الفيلم .. ففي اعتقاده أن من أحب بإخلاص نجح في أن يبقى للنهاية .. وأن المرأة التي تكسب رجلا واحدا يحبها ستكسب كل شئ مهما ضحت بالمال والسلطة .. التي أحبها أيضا صاحبهما .. لكنها لم تحبه ..

أنا أيضا أعتقد هذا لكني أختلف معه في أن الحياة ليست حبا فقط .. قد يكون هناك قيما أخرى غير الحب .. هناك قيمة القبول .. قبول الآخر قبول المختلف .. قبول الفقير .. قبول المحتاج .. قبول من لا نظنه من مستوانا .. قبول الآخر باختصار .. هناك ملايين القيم ولا يمكن أن نقصر نجاة العالم على قيمة الحب .. هناك التعون الدائم بين الناس .. قيمة العمل الجماعي العمل في فريق ..

حتى ينجو هذا العالم الذي نعيش فيه من كل هذا نحتاج تفعيل قيم غير الحب الذي يقصده جيمس كاميرون .. الحب أعمى .. ولا أحد يقوده فلا احد يملك قلبه لذا كان صلى الله عليه وسلم يقول (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) .. العقل هو مانملكه ونحتاج تفعيله ونحتاج لتعلم قياس الأمور .. حتى نصل إلى شط الأمان ..

هناك 16 تعليقًا:

  1. تسلم ايدك ياعبد العظيم المقال مذهل مذهل مذهل ..... و انت شكلك كده شوفت الفيلم ده كتير و تاملت فيه كتيييييير لأنى بصراحة عمرى ماخطر فى بالى كل الحاجات دى بس انت فسرتها الى اقرب مايكون ..... بجد برافو عليك :)

    ردحذف
  2. ربنا يزيدك يا عبدالعظيم وتكون انت عينينا اللي بتشوف اللي مبنقدرش نشوفه ياريت كل الناس بتأملوا في باطن الامور مش في ظاهرها وانا اولهم شكرا ليك

    ردحذف
  3. جزاكم الله كل خير ..
    ربنا يخليكم ليا ويزيدكم بصيرة ونور وهدى
    أنا كنت أود أعرف مين اللي كتب التعليق التاني ..
    وعلى كل ربنا يجعل كل ده في ميزان حسناتنا جميعا..

    ردحذف
  4. ممتاز يا عبد العظيم
    وهشوف الفلم لاول مرة بعين تانية!!!
    وعقبال اما يبقى في فيلم عربي رمزي زيه-بس ما يكونش تقليد- وساعتها هنتريق عليهم براحتنا

    محمود القويطي

    ردحذف
  5. الله يباركلك يا عبدالعظيم ويزيدك من علمه
    بسم الله ما شاء الله تفكير عالي ومنطقي ،،، ربنا يرزقك البصيرة

    أحمد سعيد أبوهديمة

    ردحذف
  6. رائع جدا ومحتاجه اقراه تانى واكتبلك تعليق طويل باستفاضه يتناسب مع قيمه حروفك
    نهى سيف

    ردحذف
  7. الله يخليكم ليا وتكون دائما مقالاتي تضيف ولو نقطة
    لأن الناس دي لما بتعمل أي حاجة بيبقى ليها هدف قد يكون الهدف ده موجه ضدنا فإحنا محتاجين قراءة أهدافهم عشان نعرف نواجههم بعد كدة ولو في فكر أو شئ غريب علينا محتاجين نبني وسائل دفاعية زي وسائلهم التي تدس السم في العسل ..

    ردحذف
  8. واضح يا عبد العظيم ان نظرتك للأمور بدأت تتغير شويه أو يمكن كتير
    ايه هي التنميه البشريه بتعمل كده ولا ايه؟؟؟
    انا ملاحظ ان انت جبت بيتهيألي فعلا فكرة الفيلم انت شفت اللي بقيت الناس مقدرتش تشوفه ولا تقريبا تفهمه
    كل اللي اخدوا بالهم منه هو قصة الحب بس بين ليوناردو دي كابريو وبين كيت لكن انت جبت نظرة النقاد والمفكريين

    ردحذف
  9. المقال ده .. أنا بفكر فيه بقالي 5 شهور تقريبا لأني للأسف لأول مرة أشاهد الفيلم كان السنة الماضية لكنه لم يخرج على الورق إلا بالأمس ..
    كنت أود أن أعلم كاتب التعليق ..
    لكني أتوقع إنه أحمد الغندور ..

    ردحذف
  10. المقال هايل جدا دكتور عبد العظيم تعليق هايل على الفيلم بتافصيل مميزة جدا

    منى القصاص

    ردحذف
  11. دكتور عبد العظيم انا مش هقول بقى كلام رائع ولا كلام جميل هقول وما من توفيق الا من عند الله ربنا معاك يا دكتور وشكرا جدا على المقال الجميل دا

    ردحذف
  12. it is an amazing comment on the film as if you had studied literary criticism before. really it is amazing. many thanks
    Ansam almaaroof.

    ردحذف
  13. عجبنى المقال جدا جدا
    اختيارك لللقطات والمواقف رائع وتفسيرها اروع
    بصراحه خلانى اشوف الفيلم من وجهة نظر مختلفه لا بل وجهات نظر
    الفيلم بالنسبه لى كان فعلا شبه يوم القيامه ولحظات الموت بالطريقه دى وهروب الناس من الموت
    فيه بردو مشاهد اثرت فيا الناس اللى استسلموا والام اللى كانت بتقرا لولادها علشان يناموا والاتنين كبار السن

    ردحذف
  14. tab w howa byrsemha ya 3azem malhsh ramzeya :P

    ردحذف

من فضلك اترك اسمك حتى تكون مميزا
اختار من القائمة (الاسم/عنوان URL)
بإمكانك ترك اسمك فقط أو اسمك ولينك اتصال بك حتى يتسنى لنا زيارتك
عبدالعظيم رمضان